1041 التعليق على الصحيح المسند

1041 التعليق على الصحيح المسند

مجموعة محمد البلوشي وكديم   وطارق أبي تيسير

بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة

بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي

———”———”——–

الصحيح المسند

1041- قال الإمام أحمد رحمه الله : حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي حدثنا خالد بن صبيح المري قاضي البلقاء حدثنا إسماعيل بن عبيد الله أنه سمع أم الدرداء تحدث عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فرغ الله إلى كل عبد من خمس من أجله ورزقه وأثره وشقي أم سعيد .

قال الوادعي رحمه الله تعالى : هذا حديث صحيح .

1042 قال الإمام أحمد 6/441   حدثنا هيثم قال عبدالله بن أحمد  وسمعته أنا من هيثم  قال : أخبرنا أبو الربيع عن يونس عن أبي إدريس عن أبي الدرداء     قالوا :  يا رسول الله ،  أرأيت ما نعمل أمر قد فرغ منه  ،  أم أمر تستأنفه ؟ قال :”  بل أمر قد فرغ منه  ”   قالوا فكيف بالعمل يا رسول الله ؟ قال :  كل امرئ  مهيأ  لما  خلق له

————-

الحديث الأول  صححه محققو المسند  وراجع شرح حديث  1408  من الصحيح المسند

أما الحديث الثاني  فهو في الصحيحة 2033  . وصححه صاحبنا في تحقيقنا لكشف الأستار  وذكر له شواهد  من حديث أنس  وهو في الصحيح المسند من القدر  . وكذلك من حديث زيد بن ثابت وهو في الجامع الصحيح في القدر  .

وكذلك يشهد له حديث  ابن مسعود رضي الله عنه  :  إن أحدكم  يجمع خلقه في بطن  أمه أربعين يوما  .. … وراجع  شرح ابن رجب  للاربعين النووية  .

مشاركة محمد البلوشي :

مسألة: الإيمان بكتابة المقادير

وقد تطرق لهذه المسألة مع ذكر الأحاديث والآثار الحافظ الحكمي رحمه الله في (المعارج)، فقال: ( فصل ) والإيمان بكتابة المقادير يدخل فيه خمسة تقادير :

( الأول ) : التقدير الأزلي قبل خلق السماوات والأرض عندما خلق الله تعالى القلم ، كما قال ربنا – تبارك وتعالى : ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ) ، ( التوبة 51 ) الآية ، وقال سبحانه وتعالى : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ) ، ( الحديد 22 ) .

وقال البخاري – رحمه الله تعالى : حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي ، حدثنا الأعمش ، حدثنا جامع بن شداد عن صفوان بن محرز أنه حدثه عن عمران بن حصين – رضي الله عنهما – قال : دخلت على النبي – صلى الله عليه وسلم – وعقلت ناقتي بالباب ، فأتاه ناس من بني تميم فقال : اقبلوا البشرى يا بني تميم . قالوا : قد بشرتنا فأعطنا مرتين ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن فقال : اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم ، قالوا : قد قبلنا يا رسول الله . قالوا : جئناك نسألك عن أول هذا الأمر . قال : كان الله ولم يكن شيء غيره ، وكان عرشه على الماء ، وكتب في الذكر كل شيء ، وخلق السموات والأرض ، فنادى مناد : ذهبت ناقتك يا ابن الحصين ، فانطلقت فإذا هي يقطع دونها السراب ، فوالله لوددت أني كنت تركتها ” .

[ ص: 929 ] وقال مسلم – رحمه الله تعالى : حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن سرح ، حدثنا ابن وهب أخبرني أبو هانئ الخولاني عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة قال وعرشه على الماء .

ولهما عن أبي هريرة حديث احتجاج آدم وموسى ، وهذا اللفظ لمسلم قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – احتج آدم وموسى – عليهما السلام – عند ربهما ، فحج آدم موسى . قال موسى : أنت آدم الذي خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته ، وأسكنك في جنته ، ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض . فقال آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه ، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء ، وقربك نجيا ، فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق ؟ قال موسى : بأربعين عاما . قال آدم : فهل وجدت فيها ( وعصى آدم ربه فغوى ) ( طه 121 ) قال نعم قال أفتلومني على أن عملت عملا كتب الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة . قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : فحج آدم موسى . وله عندهما وغيرهما ألفاظ من طرق كثيرة .

وقال أبو داود – رحمه الله تعالى : حدثنا جعفر بن مسافر الهذلي ، حدثنا يحيى بن حسان ، حدثنا الوليد بن رباح ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن أبي حفصة قال : قال عبادة بن الصامت لابنه : يا بني ، إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : إن أول ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب . قال : رب ، وماذا أكتب ؟ قال : مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة . يا بني ، إني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : من مات على غير هذا فليس مني [ ص: 930 ] وقال الترمذي – رحمه الله تعالى : حدثنا يحيى بن موسى ، أخبرنا أبو داود الطيالسي ، أخبرنا عبد الواحد بن سليم قال : قدمت مكة فلقيت عطاء بن أبي رباح ، فقلت له : يا أبا محمد ، إن أهل البصرة يقولون في القدر . قال : يا بني ، أتقرأ القرآن ؟ قلت : نعم . قال : فاقرأ الزخرف . قال : فقرأت ( حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) ، ( الزخرف 1 – 4 ) قال : أتدري ما أم الكتاب ؟ قلت : الله ورسوله أعلم . قال : فإنه كتاب كتبه الله قبل أن يخلق السماء ، وقبل أن يخلق الأرض ، فيه إن فرعون من أهل النار ، وفيه تبت يدا أبي لهب وتب . قال عطاء : فلقيت الوليد بن عبادة بن الصامت صاحب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فسألته : ما كانت وصية أبيك عند الموت ؟ قال : دعاني فقال : يا بني ، اتق الله ، واعلم أنك لن تتقي الله تعالى حتى تؤمن بالله وتؤمن بالقدر كله خيره وشره ، فإن مت على غير هذا دخلت النار ، إني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : إن أول ما خلق الله تعالى القلم ، فقال : اكتب . قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب القدر ، ما كان وما هو كائن إلى الأبد . هذا حديث غريب .

وقال البخاري – رحمه الله تعالى : قال أصبغ : أخبرني ابن وهب ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قلت يا رسول الله ، إني رجل شاب ، وأخاف على نفسي العنت ، ولا أجد ما أتزوج به النساء ، فسكت عني ، ثم قلت مثل ذلك ، فسكت عني ، ثم قلت مثل ذلك ، فسكت عني ، ثم قلت مثل ذلك ، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم : يا أبا هريرة ، جف القلم بما أنت لاق ، فاختصر على ذلك أو ذر . وغير ذلك من الأحاديث.

( فصل ) : التقدير ( الثاني ) من تقادير الكتابة : كتابة الميثاق يوم ألست بربكم [ ص: 931 ] قال تعالى : ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون ) ، ( الأعراف 172 ) ، وقال تبارك وتعالى : ( وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ) ، ( الأعراف 102 ) .

وقال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى : حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا إبراهيم بن محمد أبو إسحاق الفزاري ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني ربيعة بن يزيد ، عن عبد الله بن الديلمي ، عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : إن الله – عز وجل – خلق خلقه في ظلمة ، ثم ألقى عليهم من نوره يومئذ ، فمن أصابه من نوره يومئذ اهتدى ، ومن أخطأه ضل ، فلذلك أقول جف القلم على علم الله – عز وجل . حسنه الترمذي .

وقال أحمد – رحمه الله عز وجل : حدثنا هشيم ، وسمعته أنا منه قال : حدثنا أبو الربيع ، عن يونس ، عن أبي إدريس ، عن أبي الدرداء – رضي الله عنه ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : خلق الله آدم حين خلقه ، فضرب كتفه اليمنى فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الذر ، وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحمم ، فقال للذي في يمينه : إلى الجنة ولا أبالي ، وقال للذي في كفه اليسرى : إلى النار ولا أبالي .

وقال – رحمه الله تعالى : حدثنا الحسن بن سوار ، حدثنا ليث يعني ابن سعد عن معاوية عن راشد بن سعد عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي – [ ص: 932 ] رضي الله عنه : قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل خلق آدم ثم أخذ الخلق من ظهره ثم قال هؤلاء في الجنة ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا أبالي قال فقال قائل يا رسول الله فعلى ماذا نعمل قال على مواقع القدر . وفي الباب عن معاذ ونضرة ، عن رجل من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – وحديث عبد الرحمن هذا رجاله رجال الصحيحين إلى الصحابي .

وروى إمام دار الهجرة مالك بن أنس – رحمه الله تعالى ، عن زيد بن أنيسة ، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه أخبره ، عن مسلم بن يسار الجهني : أن عمر بن الخطاب سئل – رضي الله عنه – عن هذه الآية ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ) ، ( الأعراف 172 ) فقال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يسأل عنها ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : إن الله – تبارك وتعالى – خلق آدم ، ثم مسح ظهره بيمينه حتى استخرج منه ذرية ، فقال : خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية ، فقال : خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون . فقال رجل : يا رسول الله ، ففيم العمل ؟ قال : فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله ربه الجنة ، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار ، فيدخله ربه النار .

[ ص: 933 ] وقال الإمام أحمد – رحمه الله تعالى : حدثنا حسين بن محمد ، حدثنا جرير – يعني : ابن أبي حازم ، عن كلثوم بن جبر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس – رضي الله عنهما ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : أخذ الله تعالى الميثاق من ظهر آدم بنعمان – يعني : عرفة ، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ، ثم كلمهم قبلا قال ( ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ) ، ( الأعراف 172 ) . صححه الحاكم ، وروى ابنه عبد الله في زوائده على مسند أبيه ، حدثنا محمد بن يعقوب الربالي ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، سمعت أبي يحدث ، عن الربيع بن أنس ، عن رفيع أبي العالية ، عن أبي بن كعب – رضي الله عنه – في قول الله – عز وجل : ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ) ، ( الأعراف 172 ) الآية ، قال : جمعهم فجعلهم أرواحا ، ثم صورهم فاستنطقهم فتكلموا ، ثم أخذ عليهم العهد والميثاق وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ؟ قالوا : بلى . قال : فإني أشهد عليكم السماوات السبع والأرضين السبع وأشهد عليكم أباكم آدم – عليه السلام – أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بذلك ، اعلموا أنه لا إله غيري ولا رب غيري ، فلا تشركوا بي شيئا ، إني سأرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي وأنزل عليكم كتبي . قالوا : شهدنا بأنك ربنا وإلهنا لا رب غيرك ، فأقروا بذلك الحديث . وقال الإمام الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .

[ ص: 934 ] وقال البخاري – رحمه الله تعالى : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا غندر ، حدثنا شعبة ، عن أبي عمران قال : سمعت أنس بن مالك – رضي الله عنه ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة : لو أن لك ما في الأرض من شيء ، أكنت تفتدي به ؟ فيقول : نعم . فيقول : أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي ، فأبيت إلا أن تشرك بي . ورواه مسلم وغيره .

والأحاديث في هذا الباب كثيرة ، وقد قدمنا منها جملة وافية في أول هذا الشرح عند الكلام على الميثاق ، ولله الحمد والمنة.

( فصل ) : التقدير ( الثالث ) العمري عند تخليق النطفة في الرحم ، فيكتب إذ ذاك ذكوريتها وأنوثتها والأجل والعمل والشقاوة والسعادة والرزق وجميع ما هو لاق ، فلا يزاد فيه ولا ينقص منه . قال الله – تبارك وتعالى : ( يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ) ، ( الحج 5 ) الآيات ، وقال تعالى : ( والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير ) ، ( فاطر 11 ) ، وقال تعالى : ( هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون ) ، ( غافر 67 ) ، وقال – تبارك وتعالى : ( إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم ) [ ص: 935 ] ( النجم 32 ) وغيرها من الآيات .

وروى البخاري ومسلم بإسناديهما إلى سليمان الأعمش قال : سمعت زيد بن وهب ، عن عبد الله – يعني : ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات تكتب : رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أو سعيد . فوالذي لا إله غيره ، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها . وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها وهذا لفظ مسلم .

ولهما من حديث حماد بن زيد ، عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك – رضي الله عنه ، عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : وكل الله تعالى بالرحم ملكا ، فيقول : أي رب نطفة ، أي رب علقة ، أي رب مضغة ، فإذا أراد الله أن يقضي خلقها ، قال : أي رب ذكر أم أنثى ؟ أشقي أم سعيد ؟ فما الرزق ؟ فما الأجل ؟ فيكتب كذلك في بطن أمه .

وقال مسلم – رحمه الله تعالى : حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن أبي الزبير المكي أن عامر بن واثلة حدثه أنه سمع عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – يقول : الشقي من شقي في بطن أمه ، والسعيد من وعظ بغيره ، فأتى رجل من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقال [ ص: 936 ] له حذيفة بن أسيد الغفاري ، فحدثه بذلك من قول ابن مسعود فقال : وكيف يشقى رجل بغير عمل ؟ فقال له الرجل : أتعجب من ذلك ؟ فإني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله تعالى إليها ملكا ، فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ، ثم قال : يا رب ، ذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ، ثم يقول : يا رب أجله ؟ فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك ، ثم يقول : يا رب ما رزقه ؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده ، فلا يزيد على أمر ولا ينقص . وفي رواية له من طريق أخرى ” فيقول : يا رب أذكر أو أنثى ؟ فيجعله الله ذكرا أو أنثى ، ثم يقول : يا رب ، أسوي أو غير سوي ؟ فيجعله الله تعالى سويا أو غير سوي ، ثم يقول : يا رب ، ما رزقه ما أجله ما خلقه ؟ ثم يجعله الله تعالى شقيا أو سعيدا .

وفي رواية لأحمد : فيقول : يا رب ، ماذا أشقي أم سعيد ؟ فيقول الله – تبارك وتعالى – فيكتبان ، فيقول : ماذا أذكر أم أنثى ؟ فيقول الله – عز وجل – فيكتبان ، فيكتب عمله وأثره ومصيبته ورزقه ، ثم تطوى الصحيفة ، فلا يزاد على ما فيها ولا ينقص .

وله عن جابر – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : إذا استقرت النطفة في الرحم أربعين يوما أو أربعين ليلة ، بعث الله إليه ملكا ، فيقول : يا رب ما رزقه ؟ فيقال له . فيقول : يا رب ما أجله ؟ فيقال له . فيقول : يا رب ذكر أم أنثى ؟ فيعلمه . فيقول : يا رب شقي أو سعيد ؟ فيعلمه . تفرد به وإسناده حسن .

وله عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : فرغ الله إلى كل عبد من خمس : من أجله ، ورزقه ، وأثره ، وشقي أم سعيد . والأحاديث في ذلك كثير .

( فصل ) : والرابع التقدير الحولي في ليلة القدر ، يقدر فيها كل ما يكون في السنة إلى مثله ، قال الله – تبارك وتعالى : ( بسم الله الرحمن الرحيم حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين ) ، ( الدخان 1 – 5 ) الآيات . قال مجاهد : ليلة القدر ليلة الحكم ، وقال سعيد بن جبير : يؤذن للحجاج في ليلة القدر فيكتبون بأسمائهم وأسماء آبائهم ، فلا يغادر منهم أحد ولا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ، وقال الحسن البصري : والله الذي لا إله إلا هو ، إنها لفي رمضان ، وإنها لليلة القدر ، يفرق فيها كل أمر حكيم ، فيها يقضي الله تعالى كل أجل وعمل ورزق إلى مثلها . وقال ابن عباس : يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من موت وحياة ورزق ومطر حتى الحجاج ، يقال : يحج فلان ويحج فلان ، وقال مقاتل : يقدر الله تعالى في ليلة القدر أمر السنة في بلاده وعباده إلى السنة القابلة ، وقال أبو عبد الرحمن السلمي : يقدر أمر السنة كلها في ليلة القدر ، وذكر عن سعيد بن جبير في هذه الآية : إنك لترى الرجل غشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى ، وروي عن ابن عمر ومجاهد وأبي مالك والضحاك في ليلة القدر يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة وما يكون فيها من الآجال والأرزاق وما يكون فيها إلى آخرها ، والآثار في ذلك عن الصحابة وأئمة التفسير من تابعيهم بإحسان كثيرة شهيرة .

( فصل ) : والخامس التقدير اليومي ، وهو سوق المقادير إلى المواقيت التي قدرت لها فيما سبق ، قال الله – تبارك وتعالى : ( يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن ) ، ( الرحمن 29 ) ، وروى ابن جرير – رحمه الله تعالى – عن منيب بن عبد الله بن منيب الأزدي ، عن أبيه قال : تلا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هذه الآية ( كل يوم هو في شأن ) ، ( الرحمن 29 ) ، فقلنا : يا رسول الله ، وما ذاك الشأن ؟ قال : أن يغفر ذنبا [ ص: 938 ] ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين .

وروى ابن أبي حاتم ، عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : قال الله – عز وجل : ( كل يوم هو في شأن ) ، ( الرحمن 29 ) ، قال من شأنه أن يغفر ذنبا ، ويفرج كربا ، ويرفع مقاما ، ويضع آخرين . وعلقه البخاري موقوفا .

وروى البزار ، عن ابن عمر – رضي الله عنه ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم : ( كل يوم هو في شأن ) ، ( الرحمن 29 ) قال : يغفر ذنبا ويكشف كربا .

وله هو وابن جرير ، عن ابن عباس – رضي الله عنهما : إن الله خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء ، دفتاه ياقوتة حمراء ، قلمه نور ، وكتابه نور ، وعرضه ما بين السماء والأرض ، ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ، يخلق في كل نظرة ، ويحيي ويميت ويعز ويذل ، ويفعل ما يشاء . وروى ابن أبي حاتم ، عن سويد بن جبلة الفزاري قال : إن ربكم كل يوم هو في شأن ، فيعتق رقابا ، ويعطي رغابا ، ويقحم عقابا . وقال الأعمش ، عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير : ( كل يوم هو في شأن ) [ ص: 939 ] ( الرحمن 29 ) قال : من شأنه أن يجيب داعيا ، أو يعطي سائلا ، أو يفك عانيا ، أو يشفي سقيما . وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : كل يوم هو يجيب داعيا ويكشف كربا ، ويجيب مضطرا ويغفر ذنبا . وقال قتادة : لا يستغني عنه أهل السماوات والأرض ، يحيي حيا ويميت ميتا ، ويربي صغيرا ويفك أسيرا ، وهو منتهى حاجات الصالحين وصريخهم ومنتهى شكواهم ، وقال الحسين بن فضل : هو سوق المقادير إلى المواقيت . وقال أبو سليمان الداراني في هذه الآية : كل يوم له إلى العبيد بر جديد .

وذكر البغوي – رحمه الله تعالى – قول المفسرين : من شأنه أن يحيي ويميت ، ويخلق ويرزق ، ويعز قوما ويذل قوما ، ويشفي مريضا ويفك عانيا ، ويفرج مكروبا ويجيب داعيا ، ويعطي سائلا ، ويغفر ذنبا إلى ما لا يحصى من أفعاله وإحداثه في خلقه ما يشاء . وجملة القول في ذلك أن التقدير اليومي هو تأويل المقدور على العبد وإنفاذه فيه ، في الوقت الذي سبق أنه يناله فيه ، لا يتقدمه ولا يتأخره ، كما أن في الآخرة يأتي تأويل الجزاء الموعود إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، و لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون ، ولهذا قال سفيان بن عيينة فيما ذكره عنه البغوي – رحمه الله تعالى : الدهر كله عند الله يومان : أحدهما مدة أيام الدنيا ، والآخر يوم القيامة ، فالشأن الذي هو فيه اليوم الذي هو مدة الدنيا الاختبار بالأمر والنهي ، والإحياء والإماتة والإعطاء والمنع – يعني : وغير ذلك ، وشأن يوم القيامة الجزاء والحساب والثواب والعقاب اه.

ثم هذا التقدير اليومي تفصيل من التقدير الحولي ، والحولي تفصيل من التقدير العمري عند تخليق النطفة ، والعمري تفصيل من التقدير العمري الأول يوم الميثاق ، وهو تفضيل من التقدير الأزلي الذي خطه القلم في الإمام المبين ، والإمام المبين هو من علم الله – عز وجل ، وكذلك منتهى المقادير في آخريتها إلى [ ص: 940 ] علم الله – عز وجل ، فانتهت الأوائل إلى أوليته ، وانتهت الأواخر إلى آخريته ( وأن إلى ربك المنتهى ) ، ( النجم 42 ) . انهى كلام الشيخ حافظ الحكمي .

مما جاء في (موقع الإسلام سؤال وجواب):

أولاً: لفظا ” السعادة ” و ” الشقاء ” الواردان في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ليسا هما ما نحسه في الدنيا من ” سعادة ” ، وما يصيبنا فيها من ” شقاء ” ، بل هما ” الإسلام ” و ” الكفر ” ، وهما الطريقان إلى ” الجنة ” و ” النار ” ، والمقصود بالحديث : ما يختم للإنسان بأحد الأمرين في الدنيا ، فمن ختم له بخير فهو سعيد ، وهو من أهل السعادة ، وجزاؤه الجنة ، ومن خُتم له بشرٍّ فهو شقي ، وهو من أهل الشقاء ، ومصيره النار – والعياذ بالله – .

وقد جاء هذا اللفظان في الكتاب والسنَّة بذات المعنى الذي قلناه :

أ. ( يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ . فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ . خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ . وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) هود/ 105 – 108 .

ب. عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : كُنَّا فِى جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قَالَ : ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ ، مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلاَّ وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ مَكَانَهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، وَإِلاَّ وَقَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً ) قَالَ : فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَمْكُثُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ ؟ فَقَالَ : ( اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ، أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ) ، ثُمَّ قَرَأَ ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى . وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى . وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى . وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ) . رواه البخاري ( 4666 ) ومسلم ( 2647 ) .

( المِخصرة ) : ما اختصر الإنسان بيده ، فأمسكه من عصا ، أو عَنَزة .

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – : وقد تكاثرت النُّصوص بذكرِ الكتابِ السابقِ ، بالسَّعادة والشقاوة ، ففي ” الصحيحين ” عن عليِّ بن أبي طالب – وذكر الحديث – .

ففي هذا الحديث : أنَّ السعادة ، والشقاوة : قد سبقَ الكتابُ بهما ، وأنَّ ذلك مُقدَّرٌ بحسب الأعمال ، وأنَّ كلاًّ ميسر لما خُلق له من الأعمال التي هي سببٌ للسعادة ، أو الشقاوة  .

وفي ” الصحيحين ” عن عمرانَ بن حُصينٍ ، قال : قال رجل  :يا رسول الله ، أيُعرَفُ أهلُ الجَنَّةِ مِنْ أهلِ النَّارِ ؟ قالَ : ( نَعَمْ ) ، قالَ : فَلِمَ يعملُ العاملونَ ؟ قال : ( كلٌّ يعملُ لما خُلِقَ له ، أو لما ييسر له ) .

وقد روي هذا المعنى عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من وجوهٍ كثيرةٍ ، وحديث ابن مسعود فيه أنَّ السعادة والشقاوة بحسب خواتيم الأعمال  . [” جامع العلوم والحِكَم ” ( ص 55 ) . وينظر : ” فتح الباري ” ( 11 / 483 ) ].

ثانياً: ما يشير إليه السائل من الغنى أو الفقر ، والصحة أو المرض … ، وسائر ما يصيب الناس من السراء والضراء في عيشهم ، وهو ما يعنيه بقوله : السعادة والشقاوة من المنظور الحسي : هذا كله قد سبق به الكتاب ، من قبل أن تخلق السموات والأرض ، وقد كتب أيضا فيما كتب للجنين من رزقه : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) القرآن/49 .

وإنما يُعرف المؤمن أنه محقق للإيمان في هذا الباب ، وأنه مسلِّم لقدَر الله تعالى ، مؤمن به : إذا شكر ربه في السرَّاء ، وصبر عند الضرَّاء .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : جعل اللهُ سبحانَه وتعالى لعباده المؤمنين بكل منزلة خيراً منه ، فهم دائماً في نعمةٍ من ربهم ، أصابَهم ما يُحِبَّون ، أو ما يكرهون ، وجعل أقضيته ، وأقداره التي يقضيها لهم ، ويُقدرها عليهم : متاجرَ يَربحون بها عليه ، وطُرُقًا يصلون منها إليه ، كما ثبت في الصحيح عَن إمامهم ومتبوعهم – الذي إذا دُعي يوم القيامة كلُّ أناسٍ بإمامهم دُعُوا به صلواتُ الله وسلامه عليه – أنه قال : ( عجبًا لأمر المؤمن ، إن أمره كله عجب ، ما يقضي الله له من قضاء إلاّ كان خيراً له، إن أصابته سرَّاءُ شكَرَ فكان خيراً له ، وإن أصابَتْه ضرَّاءُ صَبَر فكان خيراً له).

فهذا الحديث يَعمُّ جميعَ أَقضيتِه لعبده المؤمن ، وأنها خير له إذا صبر على مكروهها ، وشكرَ لمحبوبها ، بل هذا داخلٌ في مسمَّى الإيمان ، فإنه كما قال السلف : ” الإيمان نصفان ، نصفٌ صبر ، ونصفٌ شكر ” ، كقوله تعالى : ( إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ) ، وإذا اعتَبر العبدُ الدينَ كلَّه : رآه يَرجِعُ بجملته إلى الصبر ، والشكر . [” جامع المسائل ” ( 1 / 165 )] .

فعلى المسلم أن يؤمن بقدر الله تعالى خيره وشرِّه ، ولا يسعه غير ذلك ؛ لأن الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان ، والذي لا يصح من غيره .

وعلى المسلم أن يرضى بقضاء الله ، ويسلِّم لما يكتبه الله له ، أو عليه ؛ فإن في ذلك حكَم بالغة ، ولا يتعجل في النظر لظاهر الأمر أنه نعمة ، أو نقمة ، بل العبرة بما يترتب على ذلك من شكر للنعم ، ومن رضى بالمصائب ، فهمنا يكون مؤمناً محققا لما طلبه الله منه ، ويكون مستفيداً من ذلك دوافع تدفعه للعمل وعدم القنوط واليأس ، كما تدفعه لشكر الله تعالى لنيل المزيد منها .

ثالثاً: ثمة علامات يمكن للمسلم أن يستدل بها على كون أصحابها من أهل الجنة ، أو أهل النار ؛ وذلك بحسب اتصافه بها ، وتخلقه بأخلاقها ، ظاهراً وباطناً ، وعليه بوَّب الإمام النووي رحمه الله بقوله في ” شرح مسلم ” : ” بَاب الصِّفَاتِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ ” ، وقد جعل تبويبه هذا على حديث عياض بن حمار المجاشعي ، والذي رواه مسلم ( 2265 ) ، وفيه : ( وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ .

قَالَ : وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لَا يَبْتَغُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا وَالْخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلَّا خَانَهُ وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ وَذَكَرَ الْبُخْلَ أَوْ الْكَذِبَ وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ ) .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – : ( ذو سلطان مقسط موفق ) وهذا هو الشاهد ، يعني : صاحب سلطان ، والسلطان يعم السلطة العليا ، وما دونها .

( مقسط ) أي : عادل بين مَن ولاَّه الله عليهم .

( موَّفق ) أي : مهتد لما فيه التوفيق والصلاح ، قد هدى إلى ما فيه الخير .

فهذا من أصحاب الجنة .

( ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم ) رجل رحيم ، يرحم عبادَ الله ، يرحم الفقراء ، يرحم العجزة ، يرحم الصغار ، يرحم كل من يستحق الرحمة .

( رقيق القلب ) ليس قلبه قاسياً .

( لكل ذي قربى ومسلم ) وأما للكفار : فإنه غليظ عليهم .

هذا أيضاً من أهل الجنة : أن يكون الإنسان رقيق القلب ، يعني : فيه لين ، وفيه شفقة على كل ذي قربى ومسلم .

والثالث : ( رجل عفيف متعفف ذو عيال ) يعني : أنه فقير ، ولكنه متعفف لا يسأل الناس شيئاً يحسبه الجاهل غنيّاً من التعفف .

( ذو عيال ) أي : أنه مع فقره عنده عائلة ، فتجده صابراً ، محتسباً ، يكد على نفسه ، فربما يأخذ الحبل ويحتطب ويأكل منه ، أو يأخذ المخلب يحتش فيأكل منه ، المهم : أنه عفيف ، متعفف ، ذو عيال ، ولكنه صابر على البلاء ، صابر على عياله ، فهذا من أهل الجنة ، نسأل الله أن يجعلنا من أحد هؤلاء الأصناف . [” شرح رياض الصالحين ” ( 3 / 648 ، 649 )] .

وقال النووي – رحمه الله – : [شرح النووي على مسلم – (17 / 199)]

( الضعيف الذي لا زَبر له الذين هم فيكم تبعاً لا يبتغون أهلاً ، ولا مالاً ) .

فقوله ( زبر ) بفتح الزاي وإسكان الموحدة ، أي : لا عقل له يزبره ، ويمنعه مما لا ينبغى ، وقيل : هو الذي لا مال له ، وقيل : الذي ليس عنده ما يعتمده .

وقوله ( لا يتبعون ) بالعين المهملة ، مخفف ، ومشدد ، من الاتباع ، وفي بعض النسخ ” يبتغون ” بالموحدة والغين المعجمة ، أي : لا يطلبون .

قوله صلى الله عليه و سلم ( والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانة ) معنى ( لا يخفى ) : لا يظهر ، قال أهل اللغة : يقال خفيت الشيء إذا أظهرته ، وأخفيته إذا سترته وكتمته ، هذا هو المشهور ، وقيل : هما لغتان فيهما جميعاً .

قوله ( وذكر البخل والكذب ) هي في أكثر النسخ ( أو الكذب ) بـ ( أو ) ، وفي بعضها ( والكذب ) ، بالواو ، والأول : هو المشهور في نسخ بلادنا ، وقال القاضي : روايتنا عن جميع شيوخنا بالواو إلا ابن أبي جعفر عن الطبري فبـ ( أو ) وقال بعض الشيوخ : ولعله الصواب ، وبه تكون المذكورات خمسة .

وأما ( الشنظير ) فبكسر الشين والظاء المعجمتين وإسكان النون بينهما ، وفسَّره في الحديث بأنه الفحَّاش ، وهو السيء الخلق . [” شرح مسلم ” ( 17 / 199 ، 200 ) ].

فليتأمل العبد الموفق ، كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل علامة أهل الجنة في الآخرة أن يعملوا بأعمالهم في الدنيا ، وجعل علامة أهل النار في الآخرة أن يعملوا بأعمالهم في الدنيا .

قال الإمام أحمد رحمه الله : ” سمعت سفيان بن عيينة يقول : من يزرع خيرا يحصد غِبطة ، ومن يزرع شرا يحصد ندامة ؛ تفعلون السيئات وترجون أن تُجْزَوُا الحسنات ؟!

أجل ؛ كما يجني من الشوك العنب !! ” [“العلل ومعرفة الرجال” (2/373) ].

=====

======

======

 مشاركة طارق أبي تيسير :

الصحيح المسند

1041  عن أبي الدرداء  قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول :  فرغ الله إلى كل عبد من خمس : من أجله ،  ورزقه ،  وأثره ،  وشقي  أم سعيد .

قال الالباني

1 – فرغ الله إلى كل عبد من خمس من عمله وأجله ورزقه وأثره ومضجعه . ‌

وصف :  تخريج السيوطي : (طب) عن أبي الدرداء. تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 4202 في صحيح الجامع.‌

الصفحة أو الرقم :   / 4202

خلاصة حكم المحدث :  صـحـيـح

اسم الكتاب :  صحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته

2 – وأن الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلق وخلق لهما أهلا فمن شاء منهم إلى الجنة فضلا منه ومن شاء منهم إلى النار عدلا منه وكل يعمل لما قد فرغ له ( 1 ) وصائر إلى ما خلق له . # 84 – والخير والشر مقدران على العباد . # 85 – والاستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو التوفيق الذي لا يجوز أن يوصف المخلوق به فهي مع الفعل وأما الاستطاعة من جهة الصحة والوسع والتمكن وسلامة الآلات فهي قبل الفعل وبها يتعلق الخطاب وهو كما قال تعالى لا يكلف الله # ______ # ( 1 ) يشير إلى قوله صلى الله عليه وسلم : ” فرغ الله إلى كل عبد من خمس : من أجله ورزقه وأثره ومضجعه وشقي أو سعيد ” وهو حديث صحيح مخرج في ( المشكاة ) ( 113 ) و( السنة ) ( 303 – 309 ) والأحاديث في معناه كثيرة معروفة . # ______ # ( ا ) [ وما أشار إليه الشيخ ناصر هو ” شرح العقيدة الطحاوية ” الصفحة 424 ثم قام بالتعليق على رسالة ” رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار ” للعلامة الأمير الصنعاني وقد طبعت بعناية المكتب الإسلامي ] . #

الصفحة أو الرقم :   74 /

اسم الكتاب :  شرح العقيدة الطحاوي

ونقل باحث قوله

في قوله e 🙁 رفعت الأقلام وجفت الصحف) أي تركت الكتابة في الصحف، لفراغ الأمر وانبرامه منذ أمد بعيد، فقد تقدم كتابة المقادير كلها، فما كتبه الله فقد انتهى ورُفع، والصحف جفت من المداد، ولم يبق مراجعة. فما أخطئك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك. وهذا يدل على أن ما في علم الله تعالى، أو ما أثبته سبحانه في أم الكتاب ثابت لا يتبدل ولا يتغير ولا ينسخ، وما وقع وما سيقع كله بعلمه تعالى وتقديره ([254])، وهذه الجملة من الحديث تأكيد لما سبق من الإيمان بالقدر، والتوكل على الله وحده، وأن لا يتخذ إلهاً سواه، فإذا تيقن المؤمن هذا فما فائدة سؤال غير الله والاستعانة به، ولهذا قال: (رفعت الأقلام وجفت الصحف): أي لا يكون خلاف ما ذكرت لك بنسخ ولا تبديل ([255]).

ويشهد لهذا قوله تعالى:] مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِير [([256])

وقوله e ( إن أول ما خلق الله القلم، فقال له:اكتب، قال: يارب، وما أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة) ([257]).

وقوله: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة) ([258]).

وعن أبي الدرداء t عن النبي e أنه قال: (فرغ الله إلى كل عبد من خمس: من أجله، ورزقه، وأثره، ومضجعه، وشقي أو سعيد) ([259]).

وعن جابر tأن رجلاً قال: يا رسول الله فيم العمل اليوم؟ أفيما جفّت به الأقلام وجرت به المقادير، أم فيما يستقبل؟ قال: (لا، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير) قال: ففيم العمل؟ قال: (اعملوا فكل ميسر) ([260]).

وعن ابن مسعود t عن النبي e قال: (خلق الله كل نفس، وكتب حياتها، ورزقها، ومصائبها) ([261]).

وفي قوله: (رفعت الأقلام) جاءت (الأقلام) في هذا الحديث وفي غيره، مجموعة، فدل ذلك على أن للمقادير أقلاماً، وقد ذكر العلماء أقساماً للأقلام، وهي ([262]):

القلم الأول: العام الشامل لجميع المخلوقات، وهو القلم الذي خلقه الله وكتب به في اللوح المحفوظ مقادير الخلائق، وهذا أول الأقلام وأفضلها وأجلها، كما دل على ذلك قوله e : ( أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب، قال: يارب، وما أكتب؟ قال:اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة).

القلم الثاني: قلم الوحي: وهو الذي يكتب به وحي الله إلى أنبيائه ورسله، وقد رفع النبي e ليلة أسري به إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام ([263])، فهذه الأقلام هي التي تكتب ما يوجبه الله تبارك وتعالى من الأمور التي يدبر بها أمر العالم العلوي والسُّفلي.

القلم الثالث: حين خلق آدم u، وهو قلم عام أيضاً، لكن لبني آدم.

القلم الرابع: حين يُرسل الملك إلى الجنين في بطن أمه، فينفخ فيه الروح، ويأمر بأربع كلمات: يكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، كما قال e 🙁 إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويأمر بأربع كلمات: يكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد) ([264]) الحديث.

القلم الخامس: الموضوع على العبد، الذي بأيدي الكرام الكاتبين، الذين يكتبون ما يفعله بنو آدم،كما قال تعالى:] وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [([265]).

وقوله e : ( رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يعقل، وعن الصبي حتى يحتلم) ([266]).

وقد اختلف العلماء هل القلم أول المخلوقات أو العرش؟

– فقيل بأن العرش قبل القلم لقوله e : ( كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)، فهذا صريح أن التقدير وقع بعد خلق العرش، والتقدير وقع عند أول خلق القلم.

وفي كتاب أرزاق العباد

قال المؤلف في باب الرزق

فإن موضوع الرزق موضوع مهم جدا لأنه متعلق بحياة الإنسان بل بحياة كل دابة تعلقا تاماً فصار الفكر متعلقاًَ به والجوارح ساعيةً إليه واتخذ الناس في تحصيل أرزقهم مشارب وسلكوا مسالك ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِر﴾ٌالنحل: 9

وفي هذا الموضوع يظهر تميز المؤمن وانفراده بامتلاك شخصية قوية واثقة بوصول رزقها إليهامطمئنة لمن تكفل بأرزاقها ساعية في الأرض هونا في تحصيل ماكتب لها ،من أقوم طريق وأسلم سبيل.

وأما غير المؤمن فيظهر في صورة مرتبكة ، قد نحت الهم والغم فؤاده ، وانحل جسده ، وأزاغ عينيه ، قد سلك كل طريق ، واصطدم بكل شاخص ، وجرى جري الوحوش ، فيسقط في حفر الأرض ويخرج إلى مهاويها، فما أتعس حياته ، وماأنكد عيشه، ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ الملك: 22

فها قد رأت عيناك كيف قسم طلب الرزق الناس إلى قسمين وفرقهم فريقين سعداء وأشقياء ، فدعتني نفسي للكتابة في هذا الموضوع مبينا:ً انفراد الله بالرزق وحده سبحانه ،وتكفله برزق عباده ، وبيان أثر ضعف الإيمان بذلك في حياة الناس ، وماوقعوا فيه من أخطاء ، وبيان أسباب الرزق ، والله المستعان ، وعليه التكلان ، ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم .

تمهيد

تتضح أهمية موضوع الرزق من خلال ارتباطه بالإيمان بالله سبحانه وتعالى ،بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته وقضائه وقدره :

فمن الإيمان بربوبيته :إفراده بالخلق والملك والتدبير والرزق.

ومن الإيمان بألوهيته : إفراده بالعباده وحده لكمال إنعامه وإحسانه وانفراده وحده برزق عباده، ولضعف غيره سبحانه وعجزهم وفقرهم وأنهم لا يملكون ضرا ولانفعا ولارزقا ولاموتا ولاحياة ولانشورا,فالإيمان بأنه هو المنفرد بالخلق والملك والتدبيروأنه ليس له شريك في ذلك يلزم من ذلك إفراده بالعبادة كما قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ البقرة: 21 – 22

(عن ابن عباس :” فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون ” أي لا تشركوا بالله غيره من الأنداد التي لا تنفع ولا تضر وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من التوحيد هو الحق الذي لا شك فيه.)

وفي الحديث أن يحيى بن زكريا جمع بني إسرائيل “فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن أولهن : أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا فإن مثل ذلك كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بورق أو ذهب فجعل يعمل ويؤدي غلته إلى غير سيده فأيكم يسره أن يكون عبده كذلك وإن الله خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا” الحديث

وما ينبغي للعبد أن يجعل لله نداً وهو يعلم أن الله هو خالقه ورازقه , قال صلى الله عليه وسلم:” ليس أحد أصبر على أذى سمعه من الله تعالى إنهم ليدعون له ولدا و يجعلون له أندادا و هو مع ذلك يعافيهم و يرزقهم” رواه البخاري ومسلم

، ومن الإيمان بأسمائه وصفاته : الإيمان باسمه الرزاق وأنه هو يرزق جميع خلقه (والرزاق والرازق اسمان من أسماء الله الحسنى ، وهما مشتقان من مادة الرزق ،والرزق هو كل ماينتفع به )

( وينقسم الرزق إلى قسمين : عام وخاص ،فالعام: كل ماينتفع به البدن سواءً كان حلالاً أو حراماً وسواءً كان المرزوق مؤمنا أو كافراً، ولهذا قال السفاريني :

والرزق ما ينفع من حلال أو ضده فحل عن المحال

لأنه رازق كل الخــلق وليس مخلوق بغير رزق

لأنك لو قلت :إن الرزق هو العطاء الحلال لكان كل الذّين يأكلون الحرام لم يرزقوا ،مع أن الله أعطاهم ماتصلح به أبدانهم ، لكن الرزق نوعان :طيب وخبيث ولهذا قال الله تعالى:﴿ قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون ﴾ الأعراف:32 . ولم يقل :والرزق ، أما الخبائث فهي حرام.

أما الرزق الخاص: فهو مايقوم به الدين من العلم النافع والعمل الصالح والرزق الحلال المعين على طاعة الله)

وفي كتاب السنة

وردت بعض الالفاظ والطرق الاخرى

وهي:

171- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَنَازَةٍ فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ قَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ فَأَخَذَ عُودًا فَنَكَتَ بِهِ فِي الأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلاَّ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ مَكَانَهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ شَقِيَّةً أَمْ سَعِيدَةً فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلا نَدَعُ الْعَمَلَ فَنَتَّكِلَ عَلَى كِتَابِنَا فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ صَارَ إِلَى السَّعَادَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ يَعْنِي صَارَ إِلَى الشَّقَاوَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ يُسِّرَ لِعَمَلِهَا وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ يُسِّرَ لِعَمَلِهَا».

172- حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ حَسَنٍ الْكِنْدِيُّ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ حَجَجْتُ مَعَ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ فَمَرَرْنَا بِابْنِ عُمَرَ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَقَالَ لَهُ مَا الإِيمَانُ فَقَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَلِقَائِهِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ أَرَاهُ قَالَ وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ قَالَ صَدَقْتَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُمْ».

173- حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ الْعُصْفُرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ نَفْسٍ إِلاَّ وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى مَدْخَلَهَا وَمَخْرَجَهَا وَمَا هِيَ لاقِيَةٌ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَفِيمَ الْعَمَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يُسِّرَ لِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يُسِّرَ لِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ الآنَ حَقَّ الْعَمَلُ».

174- حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُقَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ أَلَيْسَ قَدْ قَضَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَمَضَى مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ أَوْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَ مَا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ صلى الله عليه وسلم وَاتُّخِذَتْ عَلَيْهِمْ بِهِ الْحُجَّةُ قَالَ قُلْتُ بَلْ هُوَ شَيْءٌ قَدْ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ قَالَ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ ظُلْمًا قَالَ قُلْتُ إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ إِلاَّ هُوَ خَلْقُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِلْكٌ لِلَّهِ لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ قَالَ ثَبَّتَكَ اللَّهُ إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَحْزِرَ عَقْلَكَ.

«جَاءَ رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ جُهَيْنَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّه أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ فِيهِ وَيَكْدَحُونَ أَلَيْسَ قَدْ قُضِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ مَضَى أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُونَ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ عَلَيْهِ السَّلامُ وَاتُّخِذَتْ عَلَيْهِمْ بِهِ الْحُجَّةُ قَالَ بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ قَالَ فَفِيمَ نَعْمَلُ أَوْ فِيمَا نَعْمَلُ قَالَ مَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لإِحْدَى الْمَنْزِلَتَيْنِ أَلْهَمَهُ لَهَا وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}».

.32- باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الشقي من شقي في بطن أمه» والطبع والجبل والخير:

175- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ الْمَلَكَ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٍّ أَمْ سَعِيدٍ فَوَالَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ».

176- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.

177- حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ خُثَيْمٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: «الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ» قَالَ فَأَتَيْتُ حُذَيْفَةَ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ وَمَا تُنْكِرُ مِنْ هَذَا يَا ابْنَ وَاثِلَةَ وَأَنَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُه.

178- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلا إِنَّمَا الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ».

179- حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَزْرَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ، حَدَّثَنِي يُوسُفُ الْمَكِّيُّ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ فِي الْمَسْجِدِ إِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ قَالَ فَأَتَيْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ أُسَيْدٍ الْغِفَارِيَّ فَقُلْتُ أَلا تَعْجَبُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ فِي الْمَسْجِدِ إِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ.

قَالَ فَمَا بَالُ هَذَا الطُّفَيْلِ الصَّغِيرِ قَالَ لا تَعْجَبْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِرَارًا ذَاتَ عَدَدٍ يَقُولُ: «إِنَّ النُّطْفَةَ إِذَا وَقَعَتْ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ أَصْحَابِي خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ قَالَ فَيَجِيءُ مَلَكُ الرَّحِمِ فَيَدْخُلُ فَيُصَوِّرُ لَهُ عَظْمَهُ وَلَحْمَهُ وَدَمَهُ وَشَعْرَهُ وَبَشَرَهُ وَسَمَعَهُ وَبَصَرَهُ ثُمَّ يَقُولُ أَيْ رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَيَقْضِي اللَّهُ إِلَيْهِ فِيهِ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَيَقْضِي اللَّهُ إِلَيْهِ مَا يَشَاءُ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَقُولُ أَيْ رَبِّ أَثَرُهُ فَيَقْضِي اللَّهُ تَعَالَى وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَجَلُهُ فَيَقْضِي اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ تُطْوَى تِلْكَ الصَّحِيفَةُ فَلا تُمَسُّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».

180- حَدَّثَنَا ابْنُ كَاسِبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ الْغِفَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَدْخُلُ مَلَكُ الأَرْحَامِ عَلَى النُّطْفَةِ بَعْدَمَا تَسْتَقِرُّ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ أَوْ قَالَ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَيَكْتُبُ الْمَلَكُ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَيَقُولُ وَيَكْتُبُ وَيَقُولُ أَيْ رَبِّ مُصِيبَتُهُ وَرِزْقُهُ وَأَثَرُهُ وَأَجَلُهُ ثُمَّ يَطْوِي الصَّحِيفَةَ فَلا يُزَادُ فِيهَا وَلا يُنْقَصُ مِنْهَا».

181- حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ» مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُفْيَانَ الْمَدِينِيِّ.

182- حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّ ابْنَ أَبِي هُنَيْدَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَقْبِضُ مَلَكُ الأَرْحَامِ الرَّحِمَ مُعْتَرِضًا فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَيَقْضِي اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ أَمْرَهُ بِمَا شَاءَ ثُمَّ يَقُولُ أَيْ رَبِّ أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَيُوحِي اللَّهُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَمْرَهُ».

183- حَدَّثَنَا ابْنُ كَاسِبٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ هُنَيْدَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى النَّسَمَةَ قَالَ مَلَكُ الأَرْحَامِ مُعْتَرِضًا أَيْ رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَيَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ أَمْرَهُ وَيَقُولُ الْمَلَكُ أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَيَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ أَمْرَهُ».

184- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَمَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ هُنَيْدَةَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ نَحْوَهُ.

185- حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ هُنَيْدَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ.

186- حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ أَبِي الأَخْضَرِ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَفَعَ الْحَدِيثَ قَالَ «إِذَا خُلِقَتِ النَّفْسُ قَالَ مَلَكُ الأَرْحَامِ أَيْ رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَيَقْضِي اللَّهُ إِلَيْهِ أَمْرَهُ ثُمَّ يَقُولُ أَيْ رَبِّ أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَيَقْضِي اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَمْرَهُ فَيَكْتُبُ مَا هُوَ لاقٍ حَتَّى النَّكْبَةَ يُنْكَبُهَا».

187- حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ وَالْمُقَدَّمِيُّ، قَالاَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ جَدِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ نُطْفَةٌ عَلَقَةٌ أَيْ رَبِّ مُضْغَةٌ قَالَ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قَالَ أَيْ رَبِّ أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ فَمَا الأَجَلُ فَيَكْتُبُ مَا يَقُولُ قَالَ أَبُو الرَّبِيعِ فِي حَدِيثِهِ فَيَكْتُبُ كَذَلِكَ».

188- حَدَّثَنَا الْمُسَيِّبُ بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ».

189- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْبَرِيدِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْحَنَفِيِّ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: «أَخَذَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِيَدِي فَانْطَلَقْنَا حَتَّى جَلَسْنَا عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ فَقَالَ عَلِيٌّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا مِنْ نَفْسٍ إِلاَّ قَدْ كُتِبَ لَهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى شَقَاءٌ وَسَعَادَةٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفِيمَ إِذًا الْعَمَلُ فَقَالَ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى}».