1088 التعليق على الصحيح المسند

1088 التعليق على الصحيح المسند

مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي،  وكديم، ونوح وعبدالخالق، وموسى الصوماليين.

بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة

بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي

(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ،  نسأل الله أن تكون في ميزان  حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير  آل نهيان  صاحب الأيادي البيضاء  رحمه الله   . ورفع درجته في عليين  وحكام الإمارات   ووالديهم  ووالدينا )

——‘——-‘——-‘

——‘——-‘——-‘

——‘——-‘——-‘

——-‘——-‘——-‘

الصحيح المسند  (ج2/ رقم 1088):

قال الإمام أبو داود في السنن: حدثنا محمد بن كثير العبدي، أخبرنا سفيان، حدثنا الأغر، عن خليفة بن حصين، عن جده قيس بن عاصم رضي الله عنه قال: ((أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أريد الإسلام فأمرني أن أغتسل بماء وسدر)).

قال أبو عبدالرحمن:  صحيح، ورجاله ثقات.

===================

الكلام عليه من وجوه:

الوجه الأول: في السند. (ترجمة الرواي، تخريجه).

أ – ترجمة الراوي

جاء في (الاستيعاب في معرفة الأصحاب) للحافظ ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

[اسمه ونسبه]

هو ” قيس بن عاصم: بن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد بن الحارث، والحارث هو مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم المنقري التميمي.

يكنى: أبا علي وقيل: يكنى أبا طلحة. وقيل: أبو قبيصة. والمشهور أبو علي.

[متى قدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؟]

قدم في وفد بني تميم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في سنة تسع، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “هذا سيد أهل الوبر”.

[صفاته رضي الله عنه]:

وكان رضي الله عنه عاقلًا حليمًا مشهورًا بالحلم. قيل للأحنف بن قيس: ممن تعلمت الحلم؟ قال: من قيس بن عاصم المنقري، رأيته يومًا قاعدًا بفناء داره محتبيًا بحمائل سيفه يحدث قومه، إذ أتي برجل مكتوف وآخر مقتول، فقيل له: هذا ابن أخيك قتل ابنك قال: فو الله ما حل حبوته ولا قطع كلامه فلما أتمه التفت إلى ابن أخيه، فقال: يا بن أخي، بئس ما فعلت أثمت بربك، وقطعت رحمك، وقتلت ابن عمك، ورميت نفسك بسمهك، ثم قال لابن له آخر: قم يا بني فوار أخاك وحل كتاف ابن عمك. وسق إلى أمك مائة ناقة دية ابنها فإنها غريبة.

[مما ورد عنه في الجاهلية]:

وكان قيس بن عاصم قد حرم على نفسه الخمر في الجاهلية وكان سبب ذلك أنه غمز عكنة ابنته وهو سكران وسب أبويها ورأى القمر فتكلم وأعطى الخمار كثيرًا من ماله فلما أفاق أخبر بذلك فحرمها على نفسه وقال فيها أشعارًا منها قوله:

رأيت الخمر صالحةً وفيها ** خصال تفسد الرجل الحليما

فلا والله أشربها صحيحًا ** ولا أشفي بها أبدًا سقيما

ولا أعطي بها ثمنًا حياتي ** ولا أدعو لها أبدًا نديما

فإن الخمر تفضح شاربيها ** وتجنيهم بها الأمر العظيما

ومن جيد قوله:

إني امرؤ لا يعتري خلقي ** دنس يفنده ولا أفن

من منقرٍ في بيت مكرمةٍ ** والغصن ينبت حوله الغصن

خطباء حين يقول قائلهم ** بيض الوجوه أعفة لسن

لا يفطنون بعيب جارهم ** وهم لحسن جواره فطن

[وفاته رضي الله عنه]:

وقال الحسن: لما حضرت قيس بن عاصم الوفاة دعا بنيه، فقال: “يا بني، احفظوا عني فلا أحد أنصح لكم مني، إذا مت فسودوا كباركم ولا تسودوا صغاركم فيسفه الناس كباركم وتهونون عليهم.

وعليكم بإصلاح المال، فإنه نهية للكريم، ويستغنى به عن اللئيم.

وإياكم ومسألة الناس فإنها آخر كسب الرجل”.

روى عنه الحسن، والأحنف، وخليفة بن حصين، وابنه حكيم بن قيس، وروى النضر بن شميل عن شعبة عن قتادة عن مطرف بن الشخير عن حكيم بن قيس بن عاصم عن أبيه انه أوصى عند موته فقال: ” إذ أنا مت فلا تنوحوا علي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينح عليه”.

قال النضر بن شميل: قال عبدة بن الطبيب:

عليك سلام الله قيس بن عاصمٍ ** ورحمته ما شاء أن يترحما

تحية من أوليته منك نعمةً ** إذا زار عن شحط بلادك سلما

فما كان قيس هلكة هلك واحدٍ ** ولكنه بنيان قومٍ تهدما”. انتهى المراد، بتصرف يسير.

ب – التخريج:

أورد الحديث أبو داود في السنن، كتاب الطهارة، باب في الرجل يسلم فيؤمر بالغسل.

قلت سيف بن دورة :  معلول  ؛  لم يسمع خليفة من جده وورد عن خليفة عن أبيه لكن رجح ابوحاتم في العلل 35 أن الرواية  بدون ذكر أبيه أرجح فيبقى الإنقطاع   .

والبخاري في التاريخ الكبير 2/44   قال بعد ذكر طرقه  : ولم يقل خلاد  عن سفيان عن أبيه  .

وورد الغسل من حديث ثمامة حين أطلقه النبي صلى الله عليه وسلم  فذهب إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال أشهد أن لا إله إلا الله. …

وورد في مصنف عبدالرزاق أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يغتسل وليس فيه ذكر السدر.  ومره ذكر السدر  . وهو شاذ  . وورد من حديث واثلة وهو حديث ضعيف جدا  . ومن حديث قتادة الرهاوي وهو حديث ضعيف.  ومن حديث عقيل وهو حديث ضعيف  .

وورد الاغتسال  في إسلام أم أبي هريرة  قالت حين استأذن عليها  :  مهلا يا أبا هريرة فإني أغتسل  فأسلمت.

المهم أنه ينطق بالشهادة أولا  ثم يغتسل تحسبا من موته.

وربما أم أبي هريرة  نطقت الشهادة ثم أغتسلت ثم أعلنت بالشهادة أمام ابنها .

وقد أسلم الكثير ولم ينقل أمرهم بالاغتسال  قبل نطقهم بالشهادتين  .

ومنه الحديث الذي طارد فيه أسامة رجلا  فنطق بالشهادة لكن أسامة قتله فعتب عليه النبي صلى الله عليه وسلم  .

وكذلك الذين قتلهم خالد قالوا صبأنا  أي اسلمنا  . لذا قال ابن قدامة :  الكافر إذا أسلم  وجب عليه الغسل  .  انتهى

يعني الغسل بعد الإسلام

الوجه الثاني: شرح وفقه الحديث. وباقي الروايات:

“قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الرجل يسلم فيؤمر بالغسل.

حدثنا محمد بن كثير العبدي، أخبرنا سفيان، حدثنا الأغر، عن خليفة بن حصين، عن جده قيس بن عاصم رضي الله عنه قال: ((أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أريد الإسلام فأمرني أن أغتسل بماء وسدر))]

هذه الترجمة لبيان نوع من الأغسال، وهو الغسل عند الدخول في الإسلام، أي: من كان كافراً ثم أسلم فإنه يغتسل؛ لأن اغتساله بعد دخوله في الإسلام فيه تطهير لجسده من النجاسات التي لا يتحرز منها الكفار، وكذلك الذي يكون على جنابة فيكون اغتساله مزيلاً لتلك الأوساخ وتلك الأقذار التي كان الكفار لا يأخذون بها، ولا يحصل منهم الاغتسال والطهارة والنظافة منها.

فاغتسال الكافر بعد إسلامه فيه تخلص من تلك الآثار.

في هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بما يَغتَسِلُ الكافِرُ إذا أرادَ الإسلامَ، يَقولُ قيسُ بن عاصمٍ رَضِي اللهُ عَنه: “أتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أُريدُ الإسلامَ  فأمَرَني  أن أغتَسِلَ بماءٍ وسِدْرٍ”، أي: بعدَ الشَّهادتَينِ، و”السِّدْرُ”: شجَرُ النَّبِقِ يُستَعمَلُ أوراقُه في التَّنظيفِ؛ لِما لها مِن رائحةٍ طيِّبةٍ.

ففيه أن الكافر عندما يدخل في الإسلام يغتسل”. [شرح سنن أبي داود للعباد].

مسألة:

مما يشرع لمن دخول في الإسلام أن يفعله: الغسل، اختلف الفقهاء وجوب اغتسال الكافر بعد إسلامه، جاء في الموسوعة الفقهية (31/205-206):

1 –  “ذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّ إسلام الكافر موجب للغسل ، فإذا أسلم الكافر وجب عليه أن يغتسل ، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه ( أنّ ثمامة بن أثال رضي الله عنه أسلم ، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : اذهبوا به إلى حائط بني فلان فمروه أن يغتسل ) وعن ( قيس بن عاصم أنّه أسلم : فأمره النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر ) ؛ ولأنّه لا يسلم غالباً من جنابة ، فأقيمت المظنّة مقام الحقيقة كالنّوم والتقاء الختانين .

2 –  وذهب الحنفية والشافعية إلى استحباب الغسل للكافر إذا أسلم وهو غير جنب؛ لأنه أسلم خلق كثير ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالغسل ، وإذا أسلم الكافر وهو جنب وجب عليه الغسل ، قال النّوويّ : نصّ عليه الشّافعيّ ، واتّفق عليه جماهير الأصحاب ” انتهى .

قال الشيخ عبد المحسن العباد: ” أما بالنسبة للأمر بالغسل لمن أراد أن يسلم فاختلف فيه، فمنهم من قال: إنه على الوجوب؛ لأن فيه التخلص من هذه الأمور، لكن الأكثرون قالوا: إنه على الاستحباب.

ولا أدري ما هو الصارف للأمر من الوجوب إلى الاستحباب، لكن لا شك في أن الكفار لا يتنزهون من النجاسات، فتعين الاغتسال في حقهم إذا أسلموا له وجه”. [شرح سنن أبي داود]

قال ابن قدامة رحمه الله : “الكافر إذا أسلم وجب عليه الغسل , سواء كان أصليا , أو مرتدا , اغتسل قبل إسلامه أو لم يغتسل , وجد منه في زمن كفره ما يوجب الغسل أو لم يوجد ، وهذا مذهب مالك وأبي ثور وابن المنذر … ولم يوجب عليه أبو حنيفة الغسل بحال …

ولنا : ما روى قيس بن عاصم , قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أريد الإسلام فأمرني أن أغتسل بماء وسدر ، رواه أبو داود , والنسائي وأمره يقتضي الوجوب” انتهى من “المغني” (1/132).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : “والأحوط أن يغتسل؛ لأنه إن اغتسل وصلى فصلاته صحيحة على جميع الأقوال ، ولو صلى ولم يغتسل ففي صحة صلاته خلاف بين أهل العلم” انتهى من “الشرح الممتع” (2/342).

وعليه؛ فالأحوط أن تغتسل ثم تنطق الشهادتين.

قلت سيف بن دورة : وقع لي أنه  جاء  رجل يريد الإسلام   . فبدأت ابحث في المسألة  فلم  يترجح لي  هل يغتسل أولا قبل أن يسلم أم ينطق بالشهادتين أولا  . لكن  قلت  إن افتيته  بالاغتسال  فلعله  يزلق في الحمام  فيموت  . فلقنته الشهادتين  ثم أمرته  بالاغتسال  .

الوجه الثالث:  ما يستفاد من الحديث، فوق ما تقدم:

1-  ” في هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بما يَغتَسِلُ الكافِرُ إذا أرادَ الإسلامَ “.

2 – أن من الحكمة في وجوب الغسل على الكافر إذا أسلم أن يجمع بين الطهارتين، فإنه لما طهَّر قلبه طهارة معنوية بالإسلام وتلاشى منه الكفر ناسب أن يطهر بدنه بالماء ليجمع بين الطهارتين.

الوجه الرابع:  المسائل الملحقة:

المسألة الأولى (1): معنى الغسل، وحكمه:

1) “معناه: الغُسل لغة: مصدر من غسل الشيء يَغسله غَسْلاً وغُسْلاً، وهو تمام غسل الجسد كله.

ومعناه شرعاً: تعميم البدن بالماء. أو: استعمال ماء طهور في جميع البدن، على صفة مخصوصة، على وجه التعبد لله سبحانه.

2) حكمه: [الغسل قد يكون واجبا ، وقد يكون سنة مستحبة ، وقد بين العلماء رحمهم الله جميع تلك الحالات]

مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ:

وَيَلْزَمُ غُسْلٌ أَكْبَرٌ مِنْ جَنَابَةٍ *** نِفَاسٍ وَحَيْضٍ حِينَ يَنْقَطِعُ الدَّمُ

وَيَلْزَمُ أَيْضًا مَنْ يُغَيِّبُ حَشْفَةً *** وَيُرْوَى خِلَافٌ فِي الذِّي هُوَ يُسْلِمُ

[أيسر المسالك إلى نظم مذهب الإمام مالك].

.وكذلك غسل – الميت؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث غسل ابنته زينب حين توفيت: «اغسلنها». وقال في المحرم: «اغسلوه بماء وسدر». وذلك تعبداً؛ لأنه لو كان عن حدث لم يرتفع مع بقاء سببه”. [انظر: الفقه الميسر] بتصرف يسير.

المسألة الثانية(2): الأعمال التي يقوم بها من دخل الإسلام (ماذا يجب على من اعتنق دين الإسلام ؟)

” أول ما يجب عليه هو أن يشهد شهادة الحق، فيقول بلسانه: أشهد أن لا إله إلاّ اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا رسول اللَّه، ويتبرأ من كل دين يخالف دين الإسلام: من الاعتقادات، والعبادات القولية والفعلية، ويلتزم بجميع واجبات الدين الإسلامي، ويعتقد تحليل ما أحلته هذه الشريعة السمحة وتحريمَ ما حرمته.

ثم يقوم ببقية أركان الإسلام: من إقامة الصلاة بأركانها وواجباتها وشروطها التي منها كمال الطهارة الكبرى وهي الغسل والصغرى الوضوء، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت اللَّه الحرام، ووجوب الاختتان والاغتسال للإسلام، وأن يتعلم ما يلزمه لأمور دينه؛ وبذلك يدخل في هذا الدين الحنيف، ويكون له ما للمسلمين وعليه ما عليهم. واللَّه الموفق”. [أجاب عليه الشيخ العلامة: عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل].

المسألة الثالثة(3): الأمور التي  على الداعية أن يرسخها في المسلم الجديد من الأحكام:

“أولاً: إن الدين عند الله الإسلام؛ ويتناول التعريف بدين الإسلام، وبيان أنه دين الفطرة، ودين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعاً، ثم بيان أركانه.

ثانيًا: عقيدة المسلم؛ ويتناول أهم القضايا الاعتقادية التي يجب على المسلم معرفتها؛ كالإيمان بالله وتوحيده واجتناب كل ما يضاد الإيمان والتوحيد، ثم الإيمان بالملائكة، ثم الإيمان بالكتب السماوية، ثم الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام، وخاصة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وما يختص به، ثم الإيمان باليوم الآخر، وأخيراً الإيمان بالقدر خيره وشره.

كما يتناول في هذا بيان أهم القضايا التي يجب على المسلم اجتنابها مما ينافي توحيده وإيمانه، كالسحر والشعوذة، والتطير ، والتبرك غير المشروع، والتناسخ، وغيرها.

ثالثًا: عبادة المسلم؛ ويتناول بيان أركان الإسلام العظام التي يجب على المسلم الإتيان بها ؛ وهي: الطهارة، والصلاة ، والزكاة ، والصيام، والحج، وفيما يجب على المرأة المسلمة من الخصائص.

رابعًا: علاقة المسلم الجديد بالمجتمع؛ ويتناول بيان أهم القضايا التي يحتاج إلى المسلم الجديد عند التعامل مع المجتمع المحيط به؛ كعلاقته بوالديه غير المسلمين، وعلاقة الزوجين ببعضهما بعد الإسلام، وعلاقة المسلم بأولاده، وعلاقته بأقربائه.

ثم بيان لأهم القضايا المالية التي تهم المسلم بعد إسلامه؛ كالنفقة على الزوجة والوالدين والأولاد، المهر، الميراث، الأموال التجارية.

ثم بين أهم قضايا العلاقات الاجتماعية والإنسانية؛ كالولاء والبراء، والعدل والإنصاف، الالتزام بالعهود والمواثيق، التهادي والتزاور، وغير ذلك.

وأخيراً بيان لأهم التبعات الدينية التي يجب على المسلم الجديد الإتيان بها حال إسلامه”.

المسألة الرابعة (4): الفتاوى الواردة:

1 –  ” الدعوة إلى الله في ضوء السنة النبوية:

السؤال الثاني من الفتوى رقم (6200)

س2: هل تجوز الدعوة إلى الله بتقديم النهي لمن ينكر ما قبل الدعوة إلى العقيدة الصحيحة، مع العلم أنه يوجد عندنا أناس يدعون النفع في غير الله، ويتمسحون بالقبور والأولياء ويرتكبون البدع والخرافات. أرجو إفادتي عن ذلك، وما هي السنة في تقديم الدعوة بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ج2: تشرع الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى على ضوء ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن، قال: «إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم» الحديث (*) وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، عضو: عبدالله بن غديان، عضو: عبدالله بن قعود.

2 –  التدرج في التبليغ:

السؤال الرابع والخامس من الفتوى رقم (12087)

س4: هل التدرج في التشريع انتهى بإكمال الرسالة، وهل يجوز للداعية أن يتدرج بالتبليغ كأن يتلطف مع المسلم الجديد، ويتدرج معه بمأمورات الإسلام، ويتدرج معه في المنهيات حتى لا يصطدم؟

ج4: يشرع التدرج في التبليغ عملا بحديث معاذ لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وما في معناه، فقد روى الجماعة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حيث بعثه إلى اليمن: «إنك ستأتي قوما من أهل الكتاب…

وأما التشريع فقد كمل بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [سورة المائدة الآية 3].

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي

3 –  البدء بالعقيدة في الدعوة:

س5: تختلف الجماعات الإسلامية هنا في البدايات التي يجب على الدعاة البدء بها، هل هي الجانب السياسي أو العقائدي أو الأخلاقي. فما هي الأمور التي ترون أن يبدأ بها؟

ج5: يشرع البدء بالعقيدة كما بدأ بها النبي صلى الله عليه وسلم، وبدأت بها الرسل، ولحديث معاذ السابق؛ إذا كان المدعوون كفارا.

أما إذا كان المدعوون مسلمين فإنهم يبين لهم ما جهلوا من أحكام دينهم، وما قصروا فيه، ويعتنى بالأهم فالأهم. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي

4 –  التدرج في الأحكام الشرعية:

السؤال العاشر من الفتوى رقم (19446)

س10: ما الفرق بين التدرج في تحريم الخمر والأمر بالجهاد، حيث إننا مطالبون بآخر نهي في الخمر، ومطالبون بالاستطاعة في الجهاد؟

ج10: بعد اكتمال الدين واستقرار أحكام الشريعة بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أحكام الإسلام تؤخذ بجملتها، ولا يجوز التدرج في الانقياد لأحكامها، كما كان ذلك في أول الإسلام، فالخمر مثلا يجب على كل مسلم أن يعتقد تحريم شربها ابتداء، ومن اعتقد غير ذلك- وهو عالم بتحريمها- فهو مرتد؛ لجحده ما هو معلوم تحريمه بالضرورة من دين الإسلام، وبالأدلة الشرعية، وإجماع أهل العلم.

وأما الأوامر الشرعية فإن التكليف بها في الإسلام منوط باستطاعة المكلف، فلا يجب على المكلف من الأعمال ما لا يقدر عليه، أو يسبب له مشقة وحرجا، وكل مسألة بحسبها، فالجهاد مثلا وجوبه على الشخص، وكذلك وجوبه في الأحوال العامة، كل ذلك على درجات حسب البواعث والأحوال، ولا يقال إن هذا من باب التدرج في التشريع، وقد قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سورة التغابن الآية 16] وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه  وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، نائب الرئيس: عبدالعزيز آل الشيخ، عضو: صالح بن فوزان الفوزان، عضو: بكر أبو زيد.

5 –  بدء الداعية بالأهم فالأهم:

السؤال الأول من الفتوى رقم (5981)

س1: هناك كثير من الشباب اليوم يقولون: إنه يجب أن تتخلى عن بعض السنن لكي لا يقع الاختلاف بين الناس. مثال: القبض، الرفع، جلسة الاستراحة. ويقولون: إن الإسلام فيه أولويات، وهذه الأمور من الأشياء التي تأتي في المراحل الأخرى، وليست في المسائل أو في المراحل الأولى في حياة الداعية، وخاصة جلسة الاستراحة، ويعتبرون أنك إذا طبقت سنة وبدأ الناس ينظرون إليك نظرة لا ترضيهم يعتبرون هذا فتنة، وبدأوا يستدلون (الفتنة أشد من القتل، الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها) فهذه حجج وخاصة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا باتباعه، وخاصة في زمان الاختلاف، حيث يقول عليه الصلاة والسلام في حديث العرباض بن سارية، بعد ما ذكر أمورا يقول: «ومن يعش بعدي فسيرى اختلافا كثيرا؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي..» إلخ.

ج1: أولا: على الدعاة إلى الله سبحانه فيما يدعون الناس إليه أن يبدأوا بالأهم فالأهم؛ امتثالا لقوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: «إنك ستأتي قوما أهل كتاب …. ولا يشغلوا أنفسهم عن هذه المراتب بالخلاف في بعض الفروع والسنن، مثل ما ذكر في السؤال؛ لأن الأمر في ذلك سهل بالنظر لكونها محل نظر واجتهاد.

وينبغي للدعاة في أوساط المسلمين أن يوضحوا الأحكام الشرعية واجبها ومستحبها ومحرمها ومكروهها ومباحها، وليس عليهم بأس من كون بعض الناس قد يخالفهم في ذلك إذا كانوا قد تحروا الدليل من الكتاب والسنة فيما يقولون ويفعلون.

ثانيا: على أفرادهم أن يلتزموا السنة في أنفسهم مهما استطاعوا، وأن يكونوا في أعمالهم وواقع عبادتهم ومعاملاتهم وسلوكهم قدوة حسنة؛ تعطي الناس صورة المسلم الملتزم الداعية إلى الله بقوله وعمله في الأصول والفروع. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي، عضو: عبدالله بن غديان، عضو: عبدالله بن قعود”. انتهى المقصود من فتاوى اللجنة الدائمة.

6 –  تغيير الاسم بعد اعتناق الإسلام

سؤالكم عن حكم تغيير اسم من يعتنق الإسلام حديثا من اسمه القديم إلى اسم إسلامي، وهل يلزم ذلك أم لا ؟

ج: أخبركم أنه ليس في الأدلة الشرعية ما يقتضي وجوب تغيير من هداه الله إلى الإسلام اسمه، إلا أن يكون هناك ما يقتضي ذلك شرعا، كتعبيده لغير الله، كعبد المسيح ونحو ذلك، أو يكون اسما لا يستحسن التسمي به وغيره أفضل منه، كحزن يبدل بسهل، وكذا ما أشبهه من الأسماء التي لا يستحسن التسمي بها.

لكن التغيير فيما عبد لغير الله يكون واجبا، أما ما سواه فهو من باب الاستحسان والأفضلية.

ويدخل في القسم الثاني الأسماء التي اشتهر النصارى بالتسمي بها ويتوهم من سمعها أن صاحبها نصراني، فالتغيير فيها مناسب جدا. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، ومنحنا وإياكم الفقه في الدين والثبات عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. [(مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز: 4/ 153)].

7 –  ما حكم الختان للمسلم الجديد ومتى يختتن ؟

“الختان للمسلم الجديد واجب، كما أنه واجب على المسلم الأصلي ، ويجب عليه الاختتان من حين أن يسلم، لكن إن اقتضت المصلحة في تأخير أمره بذلك خوفاً من فراره من الإسلام؛

–  لأن الإسلام لم يستقر في قلبه بعد فلا بأس بذلك،

–  لأن المفسدة الحاصلة بتأخير الختان أهون من مفسدة ردته عن الإسلام بعد إسلامه” انتهى . فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . [“الإجابات على أسئلة الجاليات” (1/3، 4)].

8 –  حكم تغيير اسم من أسلم من الكفار وختانه ؟

….. الختان  هو سنة مؤكدة أو واجب عند جمع من أهل العلم، فإذا تيسر له الاختتان وهو كبير من غير خطر، هذا هو الأولى والأفضل والأحوط، أما إن كان فيه مشقة، أو قال بعض الأطباء: إن فيه خطر، فلا، فلا حاجة إلى ذلك ويسقط، وإن كان ختنه قد يكون سبباً لتنفيره من الإسلام، فلا يذكر ولا يبين له ذلك ويترك؛ لأن دخوله في الإسلام نعمة عظيمة ولو لم يختتن، فلا ينبغي أن يعرض له بشيء ينفره من الإسلام، لكن إذا دخل في الإسلام واستقر في الإسلام، ينظر بعد ذلك، إن تيسر ختانه بدون مشقة وبدون خطر، هذا أولى وأحوط، وإن لم يتيسر ترك. نعم”. [الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى].

قال أبوداود في سننه :

356 – حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أُخْبِرْتُ عَنْ عُثَيْمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ قَدْ أَسْلَمْتُ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ ». يَقُولُ احْلِقْ. قَالَ وَأَخْبَرَنِى آخَرُ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لآخَرَ مَعَهُ « أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ وَاخْتَتِنْ ».

إسناده ضعيف، فيه راو مجهول لم يسم هو شيخ ابن جريج،

وعثيم ابن كليب، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في “الثقات”، وقال الذهبي في “الكاشف”: وثق، وقال الحافظ في “التقريب”: مجهول،

ووالده مجهول

. وقال ابن القطان في “الوهم والإيهام” 5/43: إسناده غاية في الضعف مع الانقطاع الذي في قول ابن جريج أخبرت وذلك أن عثيم بن كليب وأباه وجده مجهولون.

قال ابن حجر : سَنَدَ الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : لَا يَثْبُتُ فِيهِ شَيْءٌ. فتح الباري شرح صحيح البخاري: (10 / 349)

قلت سيف بن دورة :  قال ابن عدي وأخرج الحديث  في ترجمة إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى  وقال  :  وهذا الذي قاله ابن جريج وفي هذا الإسناد.  واخبرت عن عثيم  بن كليب إنما حدثه  إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى

قال ابن القطان :  إسناد غاية في الضعف مع الانقطاع وهذا الذي من قول ابن جريج أخبرت إنما حدثه به إبراهيم بن أبي يحيى

وجاء من حديث واثلة عند الحاكم والطبراني . وسنده ضعيف. قال الذهبي في منصور بن عمار  تكلم فيها ولم يترك  . قال ابن عدي :  منكر الحديث.  وقال ابوحاتم :  ليس بالقوي.

ومعروف بن عبد الله أبو الخطاب صاحب واثلة.

قال ابوحاتم :  ليس بالقوي.  قال ابن عدي :  له أحاديث منكرة جدا  .

وجاء من حديث قتادة الرهاوي  عند الطبراني 14/19   وفيه هاشم  أو هشام  بن قتادة لا يعرف.

يا قتادة   . اغتسل بماء وسدر ،  واحلق عنك شعر الكفر  . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر من أسلم أن يختتن وإن كان ابن ثمانين.

قال ابن حجر في التلخيص :  إسناده ضعيف

المهم وإن لم يتقوى فالاختتان من الفطرة

بل نقل ابن القيم أن الراجح وجوبه حيث سمح بكشف العورة.   وهو من أظهر شعائر الإسلام التي يفرق بها بين المسلم  والنصراني.  وذكر ابن القيم شواهد منها مرسل الزهري

لكن إن خشي على المسلم الجديد أن ينفر من الإسلام فلا بأس أن يؤجل إلى أن يتقوى  إيمانه  أو كبيرا خشي عليه الضرر. وبهذا افتت اللجنة الدائمة

وراجع تخريجنا لسنن أبي داود  فقد توسعنا في بيان علله  .